عربي هولندي يقوم بدور مؤسسة اجتماعية لتيسير حياة المهاجرين في أوروبا

هولندي لـ"جسور بوست"

دشنت مبادرة لتيسير زواج العرب في أوروبا وأخرى للتواصل

رمضان هذا العام بمذاق عربي.. واللمة تجمعنا

الجاليات العربية تقوم بدور للمهاجرين واللاجئين على حد سواء 

في هولندا، يبعُد المهاجرون إليها من العرب آلاف الكيلومترات عن أوطانهم وعاداتهم وثقافتهم التي تربوا عليها، إلا أن محاولات التأقلم وخلق بيئة مشابهة لبيئتهم الأصلية لا تكف.

كان منها ما فعله خالد علي، هولندي من أصل مصري، حيث استخدم "السوشيال ميديا" لإذابة الجليد بين مجتمع هاجر إليه منذ 30 سنة، وبين عرب لكل منهم عادات وتقاليد وثقافة تختلف كلية عن البلد المضيف "هولندا"، كان منها مجموعة لتيسير الزواج، وأخرى لتبادل المعلومات والتواصل، بل والتطوع في منظمات المجتمع المدني لمساعدة اللاجئين من بلدان مشتعلة مثل "أوكرانيا وسوريا".

كذلك فإن رمضان الذي افتقد طقوسَه العربُ سنوات عدة في هولندا، جاء هذا العام بمذاق عربي وثقافة إسلامية، بفضل ما تقدمه الجاليات العربية بها.

وتضاعف تعداد الجالية المسلمة في نصف القرن الماضي عدة مرات في هولندا، حيث بلغ في نهاية الثمانينيات (1989) 408 آلاف نسمة ثم تضاعف العدد في 10 سنوات فقط حتى بلغ وفقا للإحصاءات الرسمية نحو 800 ألف نسمة، ترتفع بها التقديرات غير الرسمية إلى ما يقارب المليون. 

 "جسور بوست" حاورت خالد علي، للتعرف على طبيعة مبادراته وحال العرب في هولندا.

فرد بمثابة منظمة

يرجع خالد بذاكرته لنحو 30 عامًا قضاها في هولندا فيقول: "سافرت إليها منذ عام 1990 بهدف الدراسة في أمستردام، وعملت في مجال الأكل، والأنشطة التي نقوم بها عبارة عن مساعدات الغير من خلال منظمة خيرية تسمى "لكل الناس"، وفيها نساعد اللاجئين السوريين والأوكران وغيرهم، ممن لا يتحدثون سوى لغة بلادهم، حيث نساهم في إنهاء الإجراءات المتعلقة بإقامتهم وأعمالهم لحين تمكنهم من اللغة، نوفر لهم محامين للمّ الشمل، أو أطباء وأمور مشابهة، حيث تهتم هولندا بمساعدة اللاجئين الأوكران، فتوفر لهم فنادق يقيمون فيها، لحين إيجاد مسكن دائم لهم، كذلك تمنحهم مرتبات شهرية وخطوط تليفون وملابس وكل ما يلزم لتيسير حياتهم.

ويتابع: "الجاليات العربية، كذلك تساهم في مساعدة اللاجئين العرب، يتم تعليمهم اللغة الهولندية، مع تسهيل إجراءات وجودهم وما يستلزمه ذلك من أوراق، ثم تساعدهم في توفير منازل لهم، ويبذل مسلمو هولندا قصارى جهدهم وفقا للإمكانيات المتاحة لهم كأقلية، ليمر شهر رمضان الكريم في ظل ظروف تساعدهم على تحقيق مقاصده وأداء فرائضه على أكمل وجه. 

ويستعيض مسلمو هولندا عن الدور الذي تقوم به عادة الحكومات في الدول الإسلامية، في الاستجابة للكثير من حاجات الصائمين بالمنظمات الإسلامية غير الحكومية، والشركات التجارية الخاصة التي تعتمد غالبا المحلية في نشاطها، وترتبط في أكثر الأحيان بحالة كل مدينة أو بلدة على حدة، وفي حين تخلو شوارع المدن الهولندية الكبرى من أي مظاهر خارجية توحي للزائر الأجنبي باستثنائية هذا الشهر، فإن مقرات المساجد والجمعيات الإسلامية والمقاهي وسائر الأماكن العامة التي يتجمع فيها العرب، تعكس بوضوح استثنائية وأهمية هذا الشهر لدى غالبية المسلمين. 

على اختلاف أعمارهم وقومياتهم وانتماءاتهم، يجتهد المسلمون هنا خلال رمضان في تحضير وجبات إفطار شبيهة بتلك التي اعتادوها في بلادهم الأصلية والالتفاف حول موائد الإفطار بشكل جماعي، حيث تستغل كل العائلات المسلمة شهر الصوم لدعوة الأقارب والمعارف، طلبا لأجر إفطار الصائم وعملا بسنة صلة الرحم.

ويتابع علي: "لدينا صديق مصري من بورسعيد، لديه محل أسماك، يحدث أن يخبر الجاليات أنه من سيتكفل بإفطار الصائمين، وعادة تكون الأيام المعدة للإفطار الجماعي هي، الجمعة والسبت والأحد، وكذلك في الأعياد نقوم بتوزيع الحلوى كي نشعر بالمناسبات الدينية بسبب ما ننظمه لأنفسنا من طقوس ومظاهر كما في بلادنا العربية. 

البحث عن شريك الحياة في أوروبا

تزدهر في الإنترنت الشبكات الاجتماعية، التي يتخذها المستخدمون وسيلة للتعرف على الآخرين، فالشبكة العنكبوتية أصبحت تغير المجتمع بالفعل، كما تذكر دراسات أمريكية وأوروبية أجريت مؤخراً. 

ولعل هذا ما فعله خالد علي، حيث دشن مجموعة لتيسير الزواج تحت مسمى "خطوبة وزواج الجالية العربية في هولندا وأوروبا"، إذ يقول: "لدينا عرب من جنسيات مختلفة يقيمون منذ سنين في أوروبا، لا يتزوجون من بلادهم الأصلية، وهذا طبيعي لقلة التواصل وربما انعدامه، سافرت إلى كندا ووجدتهم يفعلون ذلك، وكانت فكرة جيدة لتيسير زواج العرب في هولندا وهي خدمة أفعلها دون مقابل مادي، وتزوج عن طريق المجموعة كثيرون، وتضم 3500 عضو تقريبًا".

ويتابع: "نلتزم في الجروب بسرية المعلومات، عندما تريد امرأة الزواج ترسل لي بياناتها ومتطلباتها، وأعلن عن طلبها بدون اسم أو تفاصيل وإنما رقم، وينص الإعلان على أن من يرغب في الزواج، فيتوفر لدينا عروس ويرجى التواصل على الخاص، وعندها يراسلنا من يرغب وبدورنا نعطي بياناته للعروس، فإذا حدثت موافقة مبدئية نوصلهم ببعض، التعامل مع زواج الرجال أسهل، حيث لا يكون لديهم مانع من وضع إعلان وبشكل صريح على صفحات الجروب".

كذلك دشنت مجموعة أخرى للتواصل وطي المسافات بين جميع بلدان أوروبا، ننشر فيها كل ما يخص العرب القائمين في هولندا، من قوانين ومعلومات، أو سلع وتذاكر مخفضة أعلن عنها ليستفيد الجميع، كذلك التبريكات والتهاني بالمناسبات السعيدة، أو إقامة عزاء فيه حالة موت أحد".

المساجد والدور المركزي

والظاهرة الإيجابية التي تلفت نظر المهتم بالشأن الإسلامي في هولندا هو عدد المساجد الكبير نسبياً، إذا ما قورن بتعداد الجالية المسلمة وبحداثة عمرها الذي لا يتجاوز نصف القرن تقريبا، ففي هولندا أكثر من 450 مسجدا، في العاصمة الثقافية أمستردام وحدها أكثر من 40 مسجدا معظمها كبير في حجمه ومتعدد الأنشطة، حيث يتجاوز المسجد هناك دوره كدار للعبادة ليتحول إلى مؤسسة اجتماعية وثقافية وسياسية بل واقتصادية أيضا، ويلعب دورا في التنشئة الاجتماعية والتواصل بين الأجيال في تعليم اللغات الأصلية لأبناء الجالية وأحيانا في التعبئة السياسية، إضافة إلى تلبية احتياجات الجالية الدينية.